ألقي عام ١٤٣٦ه لطالبات لمعهد
نص الحديث:
عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت:
“أول ما بدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك، فقال: اقرأ. قال: ما أنا بقارئ! قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ! فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ! فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني، فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم}.
فرجع بها رسول الله ﷺ يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضى الله تعالى عنها، فقال: زملوني زملوني! فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة -وأخبرها الخبر-: لقد خشيت على نفسي! فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا! إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله ﷺ خبر ما رأى، فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعًا! ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك! فقال رسول الله ﷺ: أو مخرجي هم؟! قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا.
ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي”.ـ